بحـث
المواضيع الأخيرة
مارس 2023
الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت | الأحد |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | 3 | 4 | 5 | ||
6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 |
13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 |
20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 |
27 | 28 | 29 | 30 | 31 |
المشاركات التي حصلت على أكثر ردود أفعال في الشهر
دراسة:التفتيش القضائي وإستقلال القضاء أي علاقة ؟(1/3)
صفحة 1 من اصل 1
دراسة:التفتيش القضائي وإستقلال القضاء أي علاقة ؟(1/3)
ليس هناك تعريف دقيق للتفتيش القضائي سواء في القانون الوطني أو الأجنبي
إذا كانت كلمة « قضاء « تخيف أو تربك البعض، فان كلمة «مفتش» تحدث في نفسية البعض الآخر أكثر من الخوف يصل حد الذعر، فكلمات مثل مفتش شرطة، مفتش شغل، مفتش ضرائب، مفتش أممي، مفتش قضائي...الخ ، لها وقع خاص في نفسية الإنسان، لكن التفتيش شيء والقضاء شيء آخر.
القاضي لما يرتدي بذلته ويدخل إلى القاعة لكي يحكم بين الناس يتخيل له بأنه لا احد يمكن أن يراقبه أو يحاسبه ماعدا ضميره لأنه قاضي مستقل، ولكن لما يذهب إلى مكتبه ويجد مفتشا قضائيا ينتظره سرعان ما يتذكر بأنه هناك فعلا شيئا اسمه الرقابة أو التفتيش، وأن استقلاله كقاضي لا يعني مطلقا انه غير مسؤول، لأن الأمور نسبية، وكل شيء نسبي في هذه الحياة، وكلما قطعت المجتمعات أشواطا في سبيل دمقرطتها وتحضرها وتقدمها، كلما ازداد الاهتمام بالقضاء وباستقلاله وبمحاسبته طبعا، لأنه لا مسؤولية بدون محاسبة.
وتوجد علاقة وطيدة بين موضوع استقلال القضاء، وتخليق الحياة العامة، فبأي وسائل سيتحقق التخليق ؟ هل بالتوقيع أو الانخراط في ميثاق الشرف أو مدونة الأخلاقيات أو الالتزام لفظيا بالشفافية والنزاهة ؟
أم سيتحقق ذلك بوسائل عملية في الميدان كالافتحاص ، والتفتيش بصفة عامة، والتفتيش القضائي بصفة خاصة ، و تخليق القضاء، كمقدمة لتخليق باقي المرافق والحياة العامة ، ولن يتأتى ذلك ولن يتحقق إلا بقضاء كفؤ ونزيه و مستقل ، لكن السؤال المطروح للنقاش هو أنه إلى حد يمكن القول بأن التفتيش القضائي من خلال ممارساته من شأنه أن يصون أو يمس بهذا المبدأ: استقلال القضاء ؟الجواب على هذا السؤال يقتضي منا التطرق إلى مفهوم التفتيش بصفة عامة و في ضوء المعايير الدولية ، وفي تجربة بعض الدول ، ثم في القانون المغربي أخيرا.
مفهوم الـــــتفتيش القــــــــضائي:
ليس هناك تعريف دقيق للتفتيش القضائي سواء في القانون الوطني أو الأجنبي، ولم تتناوله المعايير الدولية بشكل مباشر ومفصل، كما فعلت في مجالات قضائية أخرى
أولا: في المعايير الدولية
تناولت العديد من المواثيق الدولية موضوع حقوق الإنسان والمحاكمة العادلة واستقلال القضاء واستقلال هيأة الدفاع ودور النيابة العامة، ودور هيأة تنفيذ الأحكام القضائية، مع العلم أن موضوع التفتيش القضائي لا يقل أهمية عن هذه المواضيع جميعا، فهل سيضع المنتظم الدولي يوما ما مبادئ أو إعلانا أو ميثاقا عالميا حول التفتيش القضائي على غرار مبادئ ميلانو حول استقلال القضاء لسنة 1985؟
ثانيا: تجارب التفتيش القضائي لدى بعض الدول
مصر: في العالم العربي نجد بلدا كمصر عانى القضاء فيه خلال عهد الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك من تدخل السلطة التنفيذية في شؤونه بشهادة قضاته ورجال الإعلام والسياسة، وإن كان قضاة أرض الكنانة مشهود لهم بالنزاهة والحياد والاستقلال ، ولهذا طالب القضاة في مصر من خلال ناديهم الذي يمثلهم بإبعاد وزير العدل عن المجلس الأعلى للقضاء وبسحب التفتيش القضائي من اختصاصاته ونقله إلى المجلس المذكور، وكانوا يبررون ذلك بأن قضاة مصر مستقلون ولكن قضاءهم كمؤسسة دستورية غير مستقل ولهذا طالبوا برفع يد الوزير عن التفتيش
هولندا: منذ سنة 2002 انتبهت هولندا إلى ضرورة الرفع من مستوى النجاعة القضائية، ولهذا وضعت سياسة قضائية تعتمد نظام تقييم المحاكم و القضاة والنشاط المهني لرؤساء المحاكم باعتبارهم ممارسين للإدارة القضائية، وذلك تحت رقابة مجلس القضاء أو مجلس العدل، ويعتمد التقييم على إجراء محادثة فردية مع المعني بالأمر للوقوف على مدى احترامه للوعود أو بالأحرى العقود- الأهداف المبرمة بين محكمته ومجلس القضاء.
فرنسا: التفتيش القضائي بفرنسا يشبه إلى حد ما التفتيش القضائي المغربي لغاية سنة 2005-2006، لأنه وكما هم معلوم ولاعتبارات تاريخية فنظام التفتيش بالمغرب مأخوذ عن نظيره الفرنسي، ولكن منذ سنة 2005 تغير التفتيش القضائي بفرنسا الذي أدخل مفهوم الافتحاص والتصديق على تقييم المحاكم و أصبحت الدولة تعطي الاعتمادات المالية للمحاكم بقدرتها على تنفيذ برامجها (نظام لولف)، هذا غير موجود لدينا الآن، ولكن فيما يخص التفتيش التأديبي مازال هناك العديد من نقط الشبه بين نظامهم وبين نظام التفتيش القضائي في المغرب.
ثالثا:التفتيش القضائي في القانون المغربي
يعاني التفتيش القضائي في القانون المغربي من هشاشة في الإطار القانوني المنظم له، إذ ليس هناك نظام قانوني مستقل جامع، مانع بل كل ما هنالك مجموعة من النصوص القانونية القليلة والمتفرقة، نجد بعضها في التنظيم القضائي أساسا، والبعض الآخر في النظام الأساسي للقضاة وفي المرسوم المنظم لاختصاصات وزارة العدل، وهذا على عكس المفتشيات العامة لدى بعض الوزارات التي تتوفر على إطار قانوني متكامل، وفي عهد وزير العدل عبد الواحد الراضي أعدت وزارة العدل مشروع نص قانوني لتنظيم المفتشية العامة أثيرت بشأنه عدة ملاحظات سواء في الشكل أو الموضوع نظرا للتسرع في إنجازه كباقي النصوص الأخرى، ولهذا السبب - ربما - تعثر في طريقه إلى الأمانة العامة للحكومة أو إلى البرلمان.
وبناء على الفصل 13 من قانون التنظيم القضائي المغربي، نستخلص من هذا الفصل وغيره إذن عدة خلاصات أهمها:
1 التفتيش: هو تقييم تسيير المحاكم وكيفية أداء قضاة و موظفي المحاكم لعملهم ماعدا قضاة النقض ، وهو ما يسمى تجاوزا بالتفتيش العام
2 - التفتيش: هو كذلك البحث في وقائع محددة أو أفعال محددة منسوبة الى القاضي لها علاقة بسلوكه أو كفاءته أو إخلاله بواجباته المهنية ، وهو ما يسمى كذلك تجاوزا بالتفتيش الخاص
3 - بنية التفتيش: هناك ما يسمى بالتفتيش التسلسلي إلى جانب التفتيش المركزي ، في انتظار إحداث التفتيش الجهوي الذي كان يروج كفكرة منذ مدة داخل أروقة وزارة العدل، وتؤطر كل هذه الأنماط من التفتيش القضائي المفتشية العامة بوزارة العدل، وهي تتكون من عدد محدود من القضاة.
4 - مسطرة تتبع الثروة للقضاة وبعض أعضاء عائلاتهم، جعلها المشرع من اختصاص السيد وزير العدل ولكن تنفذ بواسطة التفتيش القضائي (الفصل 17 من النظام الأساسي للقضاة)
إعداد: إدريس فجر, مستشار بمحكمة النقض
ودكتور في الحقوق
إذا كانت كلمة « قضاء « تخيف أو تربك البعض، فان كلمة «مفتش» تحدث في نفسية البعض الآخر أكثر من الخوف يصل حد الذعر، فكلمات مثل مفتش شرطة، مفتش شغل، مفتش ضرائب، مفتش أممي، مفتش قضائي...الخ ، لها وقع خاص في نفسية الإنسان، لكن التفتيش شيء والقضاء شيء آخر.
القاضي لما يرتدي بذلته ويدخل إلى القاعة لكي يحكم بين الناس يتخيل له بأنه لا احد يمكن أن يراقبه أو يحاسبه ماعدا ضميره لأنه قاضي مستقل، ولكن لما يذهب إلى مكتبه ويجد مفتشا قضائيا ينتظره سرعان ما يتذكر بأنه هناك فعلا شيئا اسمه الرقابة أو التفتيش، وأن استقلاله كقاضي لا يعني مطلقا انه غير مسؤول، لأن الأمور نسبية، وكل شيء نسبي في هذه الحياة، وكلما قطعت المجتمعات أشواطا في سبيل دمقرطتها وتحضرها وتقدمها، كلما ازداد الاهتمام بالقضاء وباستقلاله وبمحاسبته طبعا، لأنه لا مسؤولية بدون محاسبة.
وتوجد علاقة وطيدة بين موضوع استقلال القضاء، وتخليق الحياة العامة، فبأي وسائل سيتحقق التخليق ؟ هل بالتوقيع أو الانخراط في ميثاق الشرف أو مدونة الأخلاقيات أو الالتزام لفظيا بالشفافية والنزاهة ؟
أم سيتحقق ذلك بوسائل عملية في الميدان كالافتحاص ، والتفتيش بصفة عامة، والتفتيش القضائي بصفة خاصة ، و تخليق القضاء، كمقدمة لتخليق باقي المرافق والحياة العامة ، ولن يتأتى ذلك ولن يتحقق إلا بقضاء كفؤ ونزيه و مستقل ، لكن السؤال المطروح للنقاش هو أنه إلى حد يمكن القول بأن التفتيش القضائي من خلال ممارساته من شأنه أن يصون أو يمس بهذا المبدأ: استقلال القضاء ؟الجواب على هذا السؤال يقتضي منا التطرق إلى مفهوم التفتيش بصفة عامة و في ضوء المعايير الدولية ، وفي تجربة بعض الدول ، ثم في القانون المغربي أخيرا.
مفهوم الـــــتفتيش القــــــــضائي:
ليس هناك تعريف دقيق للتفتيش القضائي سواء في القانون الوطني أو الأجنبي، ولم تتناوله المعايير الدولية بشكل مباشر ومفصل، كما فعلت في مجالات قضائية أخرى
أولا: في المعايير الدولية
تناولت العديد من المواثيق الدولية موضوع حقوق الإنسان والمحاكمة العادلة واستقلال القضاء واستقلال هيأة الدفاع ودور النيابة العامة، ودور هيأة تنفيذ الأحكام القضائية، مع العلم أن موضوع التفتيش القضائي لا يقل أهمية عن هذه المواضيع جميعا، فهل سيضع المنتظم الدولي يوما ما مبادئ أو إعلانا أو ميثاقا عالميا حول التفتيش القضائي على غرار مبادئ ميلانو حول استقلال القضاء لسنة 1985؟
ثانيا: تجارب التفتيش القضائي لدى بعض الدول
مصر: في العالم العربي نجد بلدا كمصر عانى القضاء فيه خلال عهد الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك من تدخل السلطة التنفيذية في شؤونه بشهادة قضاته ورجال الإعلام والسياسة، وإن كان قضاة أرض الكنانة مشهود لهم بالنزاهة والحياد والاستقلال ، ولهذا طالب القضاة في مصر من خلال ناديهم الذي يمثلهم بإبعاد وزير العدل عن المجلس الأعلى للقضاء وبسحب التفتيش القضائي من اختصاصاته ونقله إلى المجلس المذكور، وكانوا يبررون ذلك بأن قضاة مصر مستقلون ولكن قضاءهم كمؤسسة دستورية غير مستقل ولهذا طالبوا برفع يد الوزير عن التفتيش
هولندا: منذ سنة 2002 انتبهت هولندا إلى ضرورة الرفع من مستوى النجاعة القضائية، ولهذا وضعت سياسة قضائية تعتمد نظام تقييم المحاكم و القضاة والنشاط المهني لرؤساء المحاكم باعتبارهم ممارسين للإدارة القضائية، وذلك تحت رقابة مجلس القضاء أو مجلس العدل، ويعتمد التقييم على إجراء محادثة فردية مع المعني بالأمر للوقوف على مدى احترامه للوعود أو بالأحرى العقود- الأهداف المبرمة بين محكمته ومجلس القضاء.
فرنسا: التفتيش القضائي بفرنسا يشبه إلى حد ما التفتيش القضائي المغربي لغاية سنة 2005-2006، لأنه وكما هم معلوم ولاعتبارات تاريخية فنظام التفتيش بالمغرب مأخوذ عن نظيره الفرنسي، ولكن منذ سنة 2005 تغير التفتيش القضائي بفرنسا الذي أدخل مفهوم الافتحاص والتصديق على تقييم المحاكم و أصبحت الدولة تعطي الاعتمادات المالية للمحاكم بقدرتها على تنفيذ برامجها (نظام لولف)، هذا غير موجود لدينا الآن، ولكن فيما يخص التفتيش التأديبي مازال هناك العديد من نقط الشبه بين نظامهم وبين نظام التفتيش القضائي في المغرب.
ثالثا:التفتيش القضائي في القانون المغربي
يعاني التفتيش القضائي في القانون المغربي من هشاشة في الإطار القانوني المنظم له، إذ ليس هناك نظام قانوني مستقل جامع، مانع بل كل ما هنالك مجموعة من النصوص القانونية القليلة والمتفرقة، نجد بعضها في التنظيم القضائي أساسا، والبعض الآخر في النظام الأساسي للقضاة وفي المرسوم المنظم لاختصاصات وزارة العدل، وهذا على عكس المفتشيات العامة لدى بعض الوزارات التي تتوفر على إطار قانوني متكامل، وفي عهد وزير العدل عبد الواحد الراضي أعدت وزارة العدل مشروع نص قانوني لتنظيم المفتشية العامة أثيرت بشأنه عدة ملاحظات سواء في الشكل أو الموضوع نظرا للتسرع في إنجازه كباقي النصوص الأخرى، ولهذا السبب - ربما - تعثر في طريقه إلى الأمانة العامة للحكومة أو إلى البرلمان.
وبناء على الفصل 13 من قانون التنظيم القضائي المغربي، نستخلص من هذا الفصل وغيره إذن عدة خلاصات أهمها:
1 التفتيش: هو تقييم تسيير المحاكم وكيفية أداء قضاة و موظفي المحاكم لعملهم ماعدا قضاة النقض ، وهو ما يسمى تجاوزا بالتفتيش العام
2 - التفتيش: هو كذلك البحث في وقائع محددة أو أفعال محددة منسوبة الى القاضي لها علاقة بسلوكه أو كفاءته أو إخلاله بواجباته المهنية ، وهو ما يسمى كذلك تجاوزا بالتفتيش الخاص
3 - بنية التفتيش: هناك ما يسمى بالتفتيش التسلسلي إلى جانب التفتيش المركزي ، في انتظار إحداث التفتيش الجهوي الذي كان يروج كفكرة منذ مدة داخل أروقة وزارة العدل، وتؤطر كل هذه الأنماط من التفتيش القضائي المفتشية العامة بوزارة العدل، وهي تتكون من عدد محدود من القضاة.
4 - مسطرة تتبع الثروة للقضاة وبعض أعضاء عائلاتهم، جعلها المشرع من اختصاص السيد وزير العدل ولكن تنفذ بواسطة التفتيش القضائي (الفصل 17 من النظام الأساسي للقضاة)
إعداد: إدريس فجر, مستشار بمحكمة النقض
ودكتور في الحقوق

» دراسة:التفتيش القضائي وإستقلال القضاء أي علاقة ؟(2/2)
» الحكمة الإلهية ومبادئها الأساسية الثلاثة _مدخل إلى دراسة العقيدة السرية_
» علاقة السلطة بالثروة في فكر إبن خلدون
» قراءة في أهـم مستجدات ظهير التنظيم القضائي الجديــد
» التنظيم القضائي
» الحكمة الإلهية ومبادئها الأساسية الثلاثة _مدخل إلى دراسة العقيدة السرية_
» علاقة السلطة بالثروة في فكر إبن خلدون
» قراءة في أهـم مستجدات ظهير التنظيم القضائي الجديــد
» التنظيم القضائي
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
» الحق في الحصول على المعلومات
» نحو تحول رقمي مسؤول و مدمج
» إجراءات كتابة الضبط برئاسة المحكمة
» التنظيم القضائي
» طرق إقامة الدعوى العمومية من طرف النيابة العامة على ضوء قانون المسطرة الجنائية
» التبليغ في قانون المسطرة المدنية
» الإستراتيجية الوطنية لمجتمع المعلومات و الإقتصاد الرقمي
» أسئلة وأجوبة حول المساعدة القضائية بالمغرب